شعور بغطاء استعماري موجود بكل مكان بحاول انه يلبس الوادي بحلة جديدة

شل لفلسطين ليمتد

اليوم، حسيت رجلي عم تتحسن وشاعرة اني قادرة امشي بتضاريس صعبة. كنت هايبة ولكن حسيت إنه وجود سيرين معاي داعم لالي ومطمئن. 

هدفنا كان نكمل المسح ثلاثي الأبعاد لمواقع مختلفة بالوادي اللي بلشنا فيه بالمشية الأخيرة. فكرنا كتير كيف بدنا نمسح كل واحد من هاي المواقع، وبلشنا نسكتشف بإمكانات هاي التكنولوجيا من خلال الابتعاد أو الاقتراب للأجسام المختلفة لتحديد مدى وضوحها، التفكير بالأجزاء المهمة للتوثيق من خلال هاي التكنولوجيا والحدود الخارجية للمسوحات ثلاثية الأبعاد، وين بتبدأ ووين بتنتهي. 

بلشت جولة اليوم من عند لافتة كتب عليها "دار عائلة مكلف-دار عائلة روزني" الذين قتلوا على يد سكان قالونيا المهجرة كما تدّعي اللافتة. نزلنا باتجاه الوادي من تحت جسر شارع رقم 1 الضخم اللي بتحسه مظلّة عملاقة للوادي. ع الطريق مرقنا جنب شجر الخروب والصبر والزيتون.

المحطة التانية كانت بيت يلين، البيت اليهودي اللي بحيط فيه بستان مصطنع "بوثّق" تاريخ المنطقة بدون أي ذكر ومراجع لأصحابها، متل مطحنة الزيتون المنزوعة من سياقها. 

كملنا الطريق بمحاذاة الوادي لوصلنا بيت المفتي في قالونيا اللي صعب تتخطاه بدون ما نتأمله، البيت اللي واقف وحيد كأنه انخلق من العدم و صامد بجمالية عمارته لليوم.

لفوق شوي، موقع الآثار تحت الجسر السريع. كان من المواقع المركبة، بالذات انه فيه أجزاء تحت الارض وفوق الارض. كانت تجربة مسحه تجربة مثيرة ساعدتنا نفهم أبعاده ونتساءل عن تاريخه وشو الرواية اللي عم تنطبخ عنه من سلطة الآثار الإسرائيلية، السلطة الوحيدة اللي عندها صلاحية استكشافه وإصدار روايات "علمية" عنه. 

واحنا راجعين، سلكنا طريق بستان بيت يلين كمان مرة و هالمرة لفت نظرنا لافتة صفراء مكتوب عليها باللون الأحمر بالعربي: "شركة شيل لفلسطين ليمتد- بنزين زيوت معدنية و شحومات".

كان صادم بالنسبة لالنا نشوف هيك لافتة بهيك سياق. 

اللافتة كانت مرمية مع أغراض تانية في البستان. بحثنا عن اسم الشركة أونلاين واكتشفنا انها شركة كانت قائمة بفلسطين قبل ال 1948. دار نقاش طويل بيني وبين سيرين إذا ناخد معنا اللافتة. جنبها كان في مخزن مكتوب عليه اسماء المزارعين الإسرائيليين المسؤولين عن البستان، وأرقام تلفوناتهم.

قررنا نتصل عليهم ونسألهم عنها ونفحص إمكانية عرض اللافتة في معرض لالنا كجزء من القطع اللي لاقيناها بالوادي. باللحظة اللي طرحنا الفكرة لاقينا جواب سريع وهجومي بالرفض القاطع مع خوف من فقدان اللافتة مع انها ما بتخصهم وما بملكوها.
حكالنا المزارع انه لقاها مرمية بموقع الوادي من فترة وأنه على ما يبدو انها تابعة لمحطة بنزين كانت في الموقع قبل ال1948، وانه حابين يعلقوها بشي مكان في الحديقة. 

بصراحة، شعرت باستياء أولي انه ما اخدنا اللافتة وانه اتصلنا عشان نطلب إذن من المستعمر. ولكن لاحقاً حسيت انه المحادثة اللي صارت مع المزارع الاسرائيلي لخصت كتير من شو بنشعر في كل مرة بننزل عالوادي بهدف التوثيق واعادة احياء ذاكرته؛ شعور بغطاء استعماري موجود بكل مكان بحاول انه يلبس الوادي بحلة جديدة: الغسيل الأخضر، الحفاظ على التاريخ وتوفير مساحات للترفيه. 

جوابه وردة فعله كانت سبب كافي لإلنا ليشكل دافع وحافز لنكمل بالطريق اللي بلشناها بهاد المشروع، لندل على إنه جغرافية هاي البلد بتشهد لأهلها، والوادي اللي بلع اللافتة في زمن الانتداب البريطاني ورجعها اليوم هي خير دليل انه التاريخ ما بنمحى والأرض ما بتنسى.

سيرين علوي

أريج الأشهب